الاثنين، 9 يوليو 2018

السلطة في بلاد الحيوانات


يحكي ان  قرية نائية  تقع علي مقربة من الغابة  تحيط بها اراضي خصبة  وتجري فيها جداول رقارقة  علي مدار السنة  عاش اهلها في رخاء وسلام  ذات مرة فوجئ اهل القرية  بمرض امير القرية  وقرر ان يجمع اهل القرية  لكي يستقيل من منصبه  الذي هو من نصيب الرجل الذكي والحكيم  والقوي  الذي سيخلفه في حكم الغابة  واستمرت الحملة الانتخابية قرابة الشهر  وكان من بين المشاركين في هذه الانتخابات  الارنب والحمار  وكان الارنب يحب القراءة  ويقرا ولو لنصف ساعة يوميا  وكان اصدقاءه عوضا عن ذلك  يجولون  في الغابة  التي فيها مقهي لشاي  الذي يديره زغلول  ولا يابهون للعلم  وهمهم الوحيد هو التحدث عن التشريعات  والانتخابات  وهم في الحقيقة لا يملكون لا ناقة ولا جمل  بل يروجون الاشاعات  والاكاذيب   ولكن الارنب كان ادهي من ذلك فكان  يدرس ويقوم بالتسيس  لنيل المنصب  بالاضافة الي ذلك هو كاتب مشهور يضرب به المثل  وكان الحمار يقول سوف ينتخبونني الاحمرة وافوز  ولن اقلق نفسي  وفي اليوم الموالي بدات الحملة الانتخابية  وكانت هناك منافسة قوية بين الارنب والحمار  وفي يوم الاقتراع  حدث ماكان يتوقعه الحمار  واصبح الحمار ملك  الغابة  وخاب امل الارنب المثقف الذكي في قيادة الغابة  انطوي الارنب  في منزله  وكان هناك قرد  يسكن بجانب  الارنب  كان يشاهده من النافذة  مكبا  علي الطاولة  لعله  يكتب او يقرا  وفي كل يوم يشاهده علي نفس الحال  ولا يخرج  الي الغابة فقرر  القرد ان يذهب  ليتفقد  الارنب  دق الباب  ثم خرج اليه  الارنب  وعينيه مخضلتان  من التعب  فقال له القرد  مابك ياصديقي  لا تخرج  معنا لكي تريح نفسك  قليلا وتشم الهواء النقي في ارجاء الغابة  فقال له الارنب  انا متعب  اليوم  تفضل لتشرب  القهوة  وعند جلوسه  بدا يتبدلان  اطراف الحديث  فقال القرد للارنب  حدثني  عن همك وافضي لي همك  كما يفيض الصديق لصديقه فقال الارنب  لصديقه  ان هذه الحياة مجرد حق وواجب  فمثلا لو ادي الاستاذ  واجباته في التعليم  والتربية والتوجيه والانصاف  وادي التلاميذ واجباتهم  نحوي استاذهم باحترامه لادي ذلك الي توازن المنضومة التربوية  وهذا المثل ينتبق علي السلطة والقيادة ايضا  فسمعهم الغراب  يتحدثان  وذهب الي الحمار  يسرد عليه الحديث  فقال الحمار  احضروا لي الارنب الغبي  لما حضر  قال له الحمار لقد سمعك احد اتباعي تتحدث عن السلطة  فقال الارنب القيادة والسلطة يحتاجان الي العلم والحكمة  ورؤية مستقبلية  فقال الحمار ادخلوا هذا الغبي الي السجن  فسجن الارنب المسكين  في زنزانة مضلمة فيها ضوء يخرج  من ثقب صغير  يستانس به مرت قرابة السنة لم يري الارنب عائلته  وهم زوجته وولده  وهو دائم التفكير فيهم  كيف يعيشون وماالذي حل بهم  واصبح القرؤد يكتب قليلا من الشعر  ع زوجته  فقال اتي العيد  ولا عيد دونك ماقيمة العيد دون سواء  الناس فرحون وانا في غرفة مضلمة  مرفوقة  بشمعة بيضاء  فكرت ان اقدم لك شمسا لكن الشمس تغيب كل مساء  فكرت ان اقدم لك يد المساعدة لكن يد الله افضل برحمته عليكم  وذات يوم نام الارنب  فوجد نفسه ملك الغابة وقائدها  وتسير الامور بخير  الكل اخذ حقه  والكل قام بواجبه  وذات يوم اتي الحمار  الي الارنب فقال له  نحن من غابة واحدة ولا يجب ان تكون هناك ضغينة  وبل نحن اكثر من ذلك نحن اصدقاء  فقال له الارنب اتركنا من سياسة الاحمرة انك صديق ولكن الصداقة شئ وكل في مقامه  فانا ابقا دائما في السلطة  رغم كل محاولاتك الفاشلة  وانت تبقي في طبقة مجهولة لا احد يعرفها سواك  لانك تعيش في عالم الاوهام  وستبقي من العبيد لان لونك اسود  غضب الحمار فقال للارنب ان الغيرة تبدوا في كلامك  انا الملك  هنا  ولا تعد هذا الكلام في المرة المقبلة  وانك تعرف الحمار اذا غضب ماذا يفعل  سكت الارنب وغادر المكان وهو دائم التفكير  وبعدة مدة افاق الارنب من النوم فقال اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اهاذا منام  انه مزعج  فقام الارنب يصلي  بعد طلوع الفجر  اتي احد  خدم السجن قال للارنب انك اليوم ستخرج من السجن  وبعد خروجه التقي بصديقه القرد  فقال الارنب للقرد الكتاب والعلماء  والاذكياء لا يمكنهم العيش في هذه الغابة  مدام هناك حمار يحكم الغابة  قرر الحمار ان يرحل  مع عائلته الصغيرة  الي مكان يحترم فيه العلم  وبعد رحلة دامت ثلاث ايام  دخلوا الي مدين يحكمها بوم حكيم  ورحب به من طرف اهل المدينة  وسالوه  من اي بلاد انت فقال لهم انا من بلد سكانه لا ياكلون  بتوازن  فذهل الجميع لما قاله  ولم يفهموا قصده  اكمل الارنب طريقه  ليبحث عن مسكن  يؤوي اليه  هو وعائلته  وبعد مدة وجد   منزل صغير  اضطر لكراءه  فنام هو وعائلته  تلك اليلة بهناء  وبعد بزوغ الفجر  ذهب ليبحث عن عمل  وبعد جهد  وجد عمل في احد  مطابع الجرائد  وبعد مرور شهر  من العمل التقي بشيخ اعمي  فقال له يابني  اوصلني  الي بيت الجمل  فقال له الارنب  انا ذاهب الي عملي  اعذرني  وترجاه الشيخ وقال له  سوف يفتح الله في وجهك ابواب الخير  بعد الحاح قرر الذهاب معه بعدما اوصله  الي المكان المقصود  طلب منه الشيخ  مرة اخري  ان يرجعه الي منزله  بعد ان اوصله ذهب الارنب الي عمله  متاخر فقال له  صاحب العمل  لماذا تاخرت فقال له الارنب انني اتلتقيت بشيخ ضرير فساعدته علي قضاء حاجته  فقال له صاحب العمل ان قانون العمل لا يسمح لي  ان ارجعك للعمل  اعذرني خذ مالك واذهب  الي مكان اخر  ذهب الارنب وهو يفكر  في العمل الذي خسره  وعند رجوعه الي المنزل  في المساء لم يخبر عائلته وضل علي هذه الحال لمدة اسبوع  وهويفعل نفس الشئ  وفي اليوم الموالي  كان يمشي في احد ازقة الغابة المجاورة  فلاحض في احدي الدكاكين  مليئة بالاحذية  القديمة  مشئ بضع خطوات  الي الامام  ثم رجع ادراجه  فذهب الي الدكان  وسلم علي صاحبه  فقال له بكم الاحذية  فقال له صاحب العمل  انها قديمة لم ابعها  منذ زمن  فقال له اعهطيني دينار  لكل حذاء  ففكر الارنب بحكمة وقال لصاحب المحل  ياسيدي انا لا املك المال  اعطني الاحذية  سوف ابيعها   ونتقاسم الربح  وسوف اعطيك اسم عائلتي  واين اسكن  وقال له  صاحب المحل خذها كلها  اخذ الارنب  الاحذية  ونضفها  ثم باعها في القرية المجاورة  بمبالغ زهيدة  وبعدها رجع الي صاحب المحل  فاعطاه  ماوعده ثم قال له  من اين  اشتريت الحذية من قبل ياسيدي فقال له اشتريتها من شارع الزهور  في الجهة الغربية  للغابة  سوف اعطيك عنوانه  ذهب الارنب  الي السوق  فوجد الدكان  فاشتري  كل الاحذية  ثم باعها من جديد  واصبح بفضل ذكائه  وبفضل اقدامه علي تخطي العقبات  وبفضل الله   غني اشتري  منزلا  كبيرا  وفرحت زوجته وابنه فقال لهم هذا من فضل الله من يتوكل علي الله فلن يخيب ابدا  وعاشوا في سلام  وفي يوم من الايام سمع الارنب ان القرية التي كان يعيش فيها من زمن  قد هوجمت من طرف  قطيع من الذئاب  استمر هذا المنضر علي هذه الحال  فكانت الذئاب عندما تجوع  تفترس اي شئ تجده امامها  وكثيرا ما حاول الحمار  الوقور  الايقاع بهم ففشل  في ذلك لانه لا يملك الحيلة  والخبرة الكافية  لذلك  واخيرا استقر راي الحمار علي ان يهجروا القرية  وقد فعلول ذلك  واصبحت القرية خالية  من اهلها  والحدائق والمروج خاوية  من كل الحيوانات وكان هناك ثعلب بشع الخلقة  لا يرغب احد من الحيوانات في مصاحبته  ترفعوا عنه  ونبذوه  واطلق عليه اسم الطاووس  كبر الثعلب الملقب بالطاووس   وحيدا في الحقول والبراري  ولا يعود الي البيت الا في المساء  عندما يحل الضلام  قرر الثعلب في فكرة الاطاحة  بالحمار الذي تمادب في حكمه  الغبي  نصب له فخ للايقاع به  وذهب اليه وقال له  ياسيدي اريد ان اقول لك  فكرة لعلها  تعود عليك بالفائدة وعلي الغابة  وقال له الحمار  ماهي هذه الفكرة  فقال الثعلب يجب ان نرجع الي غابتنا  ونبقي فيها مهما كان الوضع  لانها المكان الذي عشنا فيه  فكر الحمار وقال كلامك هو الصواب  وذهب الحمار وحيوانات الغابة  لعقد اتفاق بين الذئاب الشرسة  لما وصلا الي الغابة  سبقه الثعلب  الي ملك الذئاب  فقال له  ياسيدي ان معنا حمار سمين ولحمه لذيذ  ماريك ان تاكله مقابل الخروج من الغابة  اذا كان كلامك صحيح ساقبل عرضك  لما وصل الحمار احيطت به الذئاب وامسكوه  واخذوه الي  حبل المشنقة  وبدا الحمار يبكي  ويقول اين انت ايها الارنب ساعدني  فحلق النسر الي الغابة المجاورة واخبر الارنب  فقال له انها فرصتك لتصبح ملك الغابة عليك بمساعدة الحمار من الذئاب  وفكر الارنب مليا فقال لنسر عليك ان تذهب الي الذئاب واخبرهم  ان هناك قطعان من الغزلان في طرف الغابة   بعد ان سمعوا ان الغزلان من الجهة الغربية للغابة انطلقوا الي الغابة  لما وصلوا الي الغابة اشعل الارنب الغابة  ومات  الذئاب وفر البعض منهم الي وجهة مجهولة دون رجعة  وهكذا انقذ الارنب الذكب الحمار  من شراك الذئاب  ومن يومها  اصبح لارنب ملك الاغبة وعاشت الغابة في سلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق