الاثنين، 9 يوليو 2018

الفنك والحمامة

الفنك والحمامة
الفنك والحمامة
يحكى أنه في واحد من الأيام حيث قد كانت السماء متبسمة، والشمس تعلن من أشعتها الذهبية على الأرض، نهض الفنك من رقاده يبحث عن فريسة في مقر ما من أرجاء الغابة الرحيبة، وأثناء بحثه لفت نظره حجل كان يتمعن ما حوله من الطبيعة على أحد الأغصان الواطئة، فانبسطت أسارير وجهه، وسال لعابه لذلك المنظر البهي وصرح لنفسه: لعلي وجدتها في النهاية، وراح يقارب الحمامة بعدما لمعت بذهنه فكرة مثيرة وهو يسأله – کیف حالك ايتها الحمامة الودودة؟ أرجو أن تكون على أجود حال، عندما رأيتك تتمعن وحيدا أحببت الاطمئنان عليك، ثم أردت أختبار ذكائك ومدی درایتك بالأمور .
اجابته الحمامة وربما تمكن الفضول من ذاته: ماذا ترغب في أيه الفنك؟ أجاب الفنك بمكره المعهود: لا.. لا لاغير أحببت أن أعرف إن كنت مجيدا لمهارة التمثيل ومتقنا للعبة التقليد ؟ – الحمامة: وكيف يمكنني البرهنة على هذا أيها الفنك؛ بأن تبدو نفسك بهيئة النائم.. ثم إنني لم أحظ برؤيتك وأنت نائم.

أثارت مفردات الفنك حفيظة الحمامة ، وأشعلت براسة جذوة الحماسة، الأمر الذي دفعه لأن يغمض عينه وهو يصيح قائلا: ها .. هل رأيتني كيف أبدو وأنا بمظهر النائم، وهل أقنعتك مقدرتي على التقليد، وقبل أن تكمل الحمامة كلامها  ما كان من الفنك الا أن انقض عليها كالسهم، وطوق جسمها الضئيل ببراثنه، وقيد أجنحتها بفكيه المفترستين وعت الحمامة  مكيدة الفنك، قادما على تصرفه أقوى الندم، سوى أنه وقبل أن يفقد الرجاء، لاحت له فكرة اللحظة الأخيرة، وكمن يرتبط بطوق النجاة الأوحد صرح للفنك: إن كنت قد وصلت مرادك مني وجعلتني رهين أنيابك ألا يجدر بك أن تشكر الله، وتتلو له ترائيل الامتنان على ما حصلت عليه ؟ ألا يفعل هذا من يحظى بالنعم، حتى تصبح فاتحة للمزيد منها ؟ وفي غفلة من دهاء الحمامة  نفذ الفنك ما أرادته الحمامة ، لتتحرر الأخيرة من ضمن أغلاله وليفر إلى غصنه، واثقا بنجاته وابتسامة الظفر تعلو إتجاه ولسان وضْعه يقول: إن الفنك سيضل فنكا  حتى وإن أخرج ذاته من جلده، وإن المكر سيبقى شيمته وان لون كلامه بالزبيب والعسل. أما الفنك فرجع يجر وراءه أذيال خيبته منكسرة نادمة، وهو يبتلع ريقه في تحسر وكمد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق