الاثنين، 9 يوليو 2018

هل الانسان له الحرية الكاملة ام مقيد ومحدود

إذا قد كانت الحرية مشروطة بالمسؤولية فهل الانسان حر أم محدود؟ الأسلوب جدلية
طرح الإشكالية: يُعد مفهوم الحرية من أكثر الكلمات اللغوية جمالية ووجدانية، لهذا استحقت اتخاذها شعارا للحركات الثورية و قوى التحرر و الأحزاب السياسية و العديدمن الدول و منظمات حقوق وكرامة البشر في العالم، بوصفها قيمة إنسانية سامية. غير أنها من ضمن أكثر المصطلحات اللغوية والفلسفية مشكلة؛ فقد تعددت التعاريف الفلسفية التي أعطيت لها، إلى حاجز لا نكاد نقع فيه على توضيح مفهوم جامع عائق لها. كما دار حولها جدل عظيم فهي مشروطة بالمسؤولية . وتعني الحرية حسب الفيلسوف هوبز التغلب على العوائق الخارجية المتمثلة في الطقوس و القوانين الاجتماعية، و التغلب على العوائق الداخلية المتمثلة في الأهواء و العواطف و الحرية بشكل عام هي التمكن من القيام بالفعل أو الامتناع عنه . وعليه اختلف وتناقض الفلاسفة بشأن الحرية، فهناك من يثبتها ويرى بأن الانسان حر حرية مطلقة وهناك من ينفيها ويرى بأن الانسان محدود غير حر . وعليه نتساءل إذا قد كانت الحرية مشروطة بالمسؤولية فهل الانسان حر أم محدود؟ و بتعبير آخر هل الإحساس كاف لإثبات الحرية ؟
مسعى حل المعضلة: عرض منطق الأطروحة : يشاهد أنصار الإثبات والاختيار وعلى قمتهم نتشا والمعتزلة وديكارت وافلطون وكذا برغسون وابن سينا  أن الإنسان حر وأن أفعاله صادرة عنه وهو يتمكن الإحساس بها، و أن الحرية مبدأ مطلق لا يفارق الانسان و به يتعدى ميدان الدوافع الذاتية والموضوعية
الحجج:وفي ذلك الحين برروا موقفهم بالحجج الآتية حيث عبر أفلاطون عن الحرية في صورة أسطورة خلاصتها أن آر الجندي الذي نال الشهادة في ساحة الشرف يرجع إلي الحياة مكررا بصورة لا تخلو من المعجزات فيروي ويصف لأصدقائه الأشياء التي تمكن من مشاهدتها في الجحيم حيث ان الأموات يطالبون بأن يختاروا بمحض حريتهم مصيرا جديدا لتقمصهم الآتي وبعد هذا يشربون من مجرى مائي عدم التذكر ليــثا ثم يعودون الى الأرض وفيها يكونوا قد نسوا بأنهم هم الذين اختاروا مصيرهم ويأخذون في اتهام القضاء والقدر بينما أن الله بريء.
و ايضاً المعتزلة و هي فرقة كلامية إسلامية و التي تشاهد أن إحساس المرء أو إرادته هي العلة الأولى لجميع أفعاله وهي منحصرة في قرارة ذاته ،و قد عبر عن رأيهم " ابن سينا  " حيث يقول " إن الإنسان يحس من ذاته سقوط التصرف على حسب الدواعي والصوارف إذا أراد الحركة تحرك و إذا أراد الراحة ملاذ" وهم يعتبرون أن كون الانسان يحاسب على أفعاله بالجنة أو النار الآخرة حجة على عدل الله،فلو لم يكن الانسان حرا لبطل التكليف و التشريف و المكافأة و العقوبة، وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تثبت هذا منها قوله تعالى: ان الله لا يحول ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم »، وقوله جل ثناؤه : « فما لهم عن التذكرة معرضين »،و قوله : « ولا تزر وازرة وزر أخرى »، وقوله : « ومن يعمل سوءا يجز به »، وقوله عز وجل: « فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر »،فهذه الآيات صريحة في القول أن العبد هو الذي يخلق أفعاله؛ و أنه هو الذي يسأل عن عمله لا عن عمل غيره.
أيضاً يشاهد افلطون  أن الحرية وضعية شعورية ونفسية , والشعور بالحرية يكفي دليلا على وجودها، فهي شيء بديهي لا يفتقر للتحليل و الشرح عن طريق قوله انّ حرية إرادتنا يمكن أن نتعرف عليها دون دلائل وهذا بالتجربة وحدها التي لدينا عندها »، ويقول ايضاً: «إننا جد متأكدين من الحرية وليس هناك شيئا نعرفه بوضوح أكثر الأمر الذي نعرفها » و يقول الفرنسي ريقوا فيرا مؤيدا افلطون : ان الانسان الصحيح العاقل لا يفتقر البرهنة على الحرية فهو يشعر بها في داخله ».
كما أثبت افلطون  الحرية من خلال البرهان الأخلاقي حيث يقول:ان كان يلزم عليك فأنت يمكنها » أي القيام بالواجبات يدل على حضور الحرية وأن صاحب السوء هو الذي يكون قد اختار بكل حرية تصرفه منذ الأزل بقطع البصر عن الزمان، فهو يُعد الحرية أساس الأخلاق و أن الانسان المكره على إجراء شيء لا يُعد عمله أخلاقيا وفي ذلك الحين تأييده الإمام محمد الغزالي في قوله : « الإكراه على الفضيلة لا يصنع الرجل الفاضل كما أن الإكراه على الإيمان لا يصنع الرجل المؤمن »، وهنا يتبين أن الشغل الذي لا ينبع عن حرية شخصية سوف يكون ناقصا و مصطنعا.
كما قسم نتشا  الأنا (النفس) إلى قسمين: أنا سطحي يتجلى في المعاملات اليومية و هو منحى لا حضور للحرية فيه، و أنا عميق يتمثل في هذه اللحظات التي يجلس فيها الإنسان مع ذاته و يشعر بحريته التامة إنه يفكر دون قيود فالحرية بذلك المعنى تدرك بالحدس السيكولوجي؛ إذ يقول انّ التصرف الحر ليس فعلا ناتجا عن التروي و التبصر انه هذا الذي يتفجر من أعماق النفس ».
أما جون ميقوا فيرا  فيرى أن الانسان لا يبقى أولا ليصبح بعد هذا حرا وإنما ليس ثمة اختلاف بين حضور الانسان بين حريته ، انه يبقى أولا ثم يصير بعد هذا ذلك أو ذاك  انه مضطر لى الاختيار والمسؤولية التي تتبع اختياراته باعتبارها مراسيم شخصية متعلقة بالإمكانيات المتاحة حوله،والتجربة النفسية تبدو أن الحرية نشعر بها خلال التصرف و بعده فالندم مثلا تجربة نفسية تدل على أن صاحب الإجراء قام بفعله بحرية كاملة، و الإنسان يشعر بقدرته على قتل الأشياء أو ما يسمى بالرفض فهو حر في تكوين شخصيته حيث يقول : « لا اختلاف بين وجودي وحريتي » و يقول أيضاً : « نحن محكوم علينا أن نكون أحرارا » ويعني هذا أن الانسان مولود حرا ولا يلزم أن يكون لا حرا. 
الإنتقاد: وبالرغم من منطقية الدلائل الفائتة  لا أن القول بأن الحرية المطلقة تتحدى قوانين الكون لضرب من الخيال فتعريف الحرية بأنها عدم حضور كل إكراه داخلي أو خارجي ، توضيح مفهوم ميتافيزيقي غير واقعي كما أن الإرادة ليست قوة سحرية تقول لشيء كن فيكون ، فان الحرية المطلقة أو المتعالية عن الدهر لا واقعية كما أن شعورنا بأننا أحرار من الممكن أن يكون مصدر انخداع وغرور إضافة إلى كون الجلي النفسية ذاتية لا تتوقف عن التقلب،- فالشعور من الممكن أن يكون مضللا لصاحبه , فكثيرا ما نكون متأكدين من أمر ما أنه حقيقة بل لا نلبث أن نكتشف أننا كنا مخطئين، فموقف ابو حيان  مرتكز على أسطورة و هي مجرد خيال و لا يمكن أن نبني الحقيقة على الأوهام وفما بني على باطل فهو باطل أما المعتزلة ، ديكارت؛ و بوسويه؛ برغسون اعتبروا الحرية مطلقة و نحن لا يمكننا أن نفعل ما نرغب في لكن نفعل ما يمكننا فلا يمكن القيام بجميع الموضوعات و هذا لأننا مقيدون بقيود كثيرة كالعادات و التقاليد و ايضا بالطبيعة فصحيح أن الأخوين رايت استطاعا أن يحلقا بصنعهما للطائرةا لا أن الانسان لم يسلم من الطبيعة و مخاطرها المتمثلة في الكوارث الطبيعية كالزلازل و البراكين .وعن اعتقاد سارتر يمكن القول أنه اعتقاد متشائم فهو ينفي الحرية من حيث أراد أن يثبتها فموقفه خيالي ينم عن نطاق الأوهام التي تحيط بالأفكار التي طرحها وتبناها،كما أن عقولنا نسبية و مقيدة وهذا لأن ارادتنا هي الأخرى مقيدة اذ هناك ما يعلم بالأعمال اللاإرادية و التي لا يمكن تحقيقها و القيام بها كأن نجعل الشمس تشرق التابع للغرب و ذلك دليل على أن قدرتنا مقيدة بالتالي لسنا أحرارا .

عرض نقيض الأطروحة:في المقابل ذهب أنصار الجبر من فلاسفة و علماء الى أن الإنسان مسير و ليس حرا و معنى هذا أن التصرف الإنساني سهل في دائرة الحتمية فهو يفتقد إلى عنصر الإرادة و مقدرة الاختيار و الداعِي في هذا أن حضور الحتمية يلغي بالضرورة حضور الحرية فأنصار النفي وعلى قمتهم الحتميون (ميقو. بيتسا .فيقو.ريقا  ) والجبرية من أنصارها الجهمية يشاهدون أن الحرية المطلقة أمر مستحيل التقصي.
الحجج:و قد برروا موقفهم بالحجج الآتية: إذ يشاهد الحتميون أن مبدأ الحتمية تشريع عام يقضي العالم ولا يقتصر على الحالة المجتمعية الطبيعية لاغير لكن ايضا على الإرادة الإنسانية ولذلك تكون إرادتنا تابعة لنظام الكون لا بخصوص لها ولا قوة . أما الحتميات التي يخضع لها الانسان متنوعة فالحتمية الطبيعية أو الفيزيائية ، حيث أن الانسان يسري عليه من نسق القوانين ما يسري على باقي الأجسام والموجودات فهو يخضع لقانون الجاذبية ويتأثر بالعوامل الطبيعية من حر وبرد وضغط جوي تطهر للصلاة مثال هذا أنه  متى ما ندرة الضوء ازدادت بؤرة القرنية لتستقبل الضوء وهي هنا لا تتغاير عن ماكينة التصوير فهي تعمل على نحو آلي ، أما الحتمية البيولوجية فتتمثل في كون أن الانسان يخضع لشبكة من القوانين مثل النمو وانتظام الأعضاء واختلالها وكذا كل إنسان على وجه الأرض يتجاوز بنفس المراحل التي يتجاوز بها بقية الناس و المتمثلة في الجنين، الطفولة؛الشبان؛الكهولة؛ الشيخوخة؛ ثم الوفاة و الانسان لا يستطيع أن يمر فترة من تلك المراحل فهو محدود و مجبر بأن يتجاوز على كامل المراحل دون استثناء و ذلك ما يجعل السيدات على الخصوص و نجمات السينما يحاولن عبثا الهروب من تقدم العمر باجراء العمليات التجميلة لكنهن أيما حاولن لن يستطعن محو تقدم السن و لهذا أفاد الشاعر المخضرم حُسن الرميلي: كل ابن أنثى و ان طالت سلامته يوما على ماكينة حدباء محمول. إضافة الى أن كل واحد نحو الولادة يكون حاملا لمعطيات وراثية – الكرموزومات –فقد أثبت ماندل و مورغان بعده كيفية انتقال الصفات الوراثية من جيل الى خر بحسب قوانين صارمة.
كما أثبت التابع للاتحاد الروسي ريكا  أن التصرف الإنساني هو سلوك آلي حيث إذا توفرت المنبهات تتم حتما الاستجابة و هي فكرة رضي عليها الأمريكي واطسون و تؤثر الغدد الصماء على كامل الشخصية حتى أن وليام جيمس أفاد (نحن تحت رحمة غددنا الصماء فهي التي تتحمل مسئولية عواطف المرأة و الشابة و انفعالات الشيخ العظيم) .
وهناك أيضاً الحتمية الاجتماعية التي يمثلها علماء الندوة و أهمهم كام مير الذي يقول: « حينما يتكلم ضميرنا فان المجتمع هو الذي يتكلم فينا » و معنى هذا أن القرارات التي يطلقها الإنسان دوي لثقافة المجتمع .فهو لم يختر اسمه و لا عائلته أو لغته؛ فنحن نحب ما يحبه المجتمع و نكره ما يكرهه و ان خالفنا طقوس المجتمع نعاقب؛ مثال هذا عمر بن الكلام وافق الله عنه فرغم مكانته الهائلة في الزمان الماضي الإسلامي لا أنه في العصر الجاهلي لم يستطع أن يتجنب ماثم ومعاصي قومه من عبادة الأصنام و وأد الفتيات.
وايضا الحتمية النفسية إذ يخضع المرء حسب فرويد لعالم نفسي لا شعوري من رغبات وشهوات ومكبوتات؛ مثال هذا أن القساوة في الملاعب يعود الى غريزة العدوان التي تدفع الشخص الى التحطيم و التكسير و الكتابة على الجدران، و يشاهد آدلر أن الإحساس بالنقص هو محرك نشاط الإنسان الأمر الذي يجعل الشخص في وضعية بحث دائم عن البدل مثال هذا أن الفتاة القصيرة تجد ذاتها من دون أن تشعر ترتدي الكعب العالي أو تكثر من وضع الماكياج حتى تعوض قصر قامتها؛ و الشاب الهزيل جسديا قد يلجا الى التميز في التعليم بالمدرسة حتى يعوض ضعفه البدني؛ و مثال هذا كذلك أن اللاعب الأرجنتيني ميسي كان يتكبد من إشكالية صحية في الهرمونات فصار لاعبا فذا كتعويض عن هذا؛ إضافة إلى ذلك هذا الطبع ينفي الحرية فصاحب الطبع الانفعالي يغلب عليه المزاج العصبي.
أما المحتجون للحرية نحو المسلمين فمثلتهم فرقة الجهمية نسبة الى جهم بن صفوان و التي تشاهد أن كل أعمال الانسان خاضعة للقضاء والقدر لا إرادة له ولا اختيار ، وإنما يخلق الله فيه الأعمال على حسب ما يخلق في سائر الجمادات وتنسب إليه الممارسات مجازا كما تنسب الى الجمادات حيث يقول زعيمهم :« لا يوصف الانسان بالاستطاعة فهو كالريشة في مهب الريح »؛ ويقدمون العديد من آيات قرآنية تثبت هذا منها قوله تعالى: « الله خلقكم وما تعملون » و قوله أيضاً:  و ما تشاءون لا أن يشاء الله رب العالمين » و قوله صلى الله عليه و سلم في الجديد القدسي : « عبدي أنت ترغب في وأنا أريد،;ذا كنت ترغب في ما أريد كان لك ما ترغب في؛ و اذا كنت ترغب في ما لا أريد لم يكن لك لا ما أريد ».
الإنتقاد: بل بصرف النظر عن منطقية تلك الدلائل الا أن القول بالحتمية لا يقصد تكبيل الانسان ورفع مسؤولياته أيضاً اذ لم يفرق الحتميون بين عالم الأشياء الآلي وعالم الانسان الذي كله إدراك وعقل . كما أن حضور قوانين في الطبيعة لا يقصد هذا أن الانسان غير حر و بخصوص بالحتمية الاجتماعية فان ظهور الأبطال و الثوار و الزعماء الذين خالفوا مجتمعاتهم دليل على حضور الحرية، والطريقة الذي يستعمله أهل القضاء والقدر يدعو الى التعطيل و الكسل و الركود وترك الشغل والركون الى القدر و يصير المكافأة و العقوبة بدون معنى، فإذا كان الانسان مجبرا فلماذا يحاسب فيعاقبه التشريع الإلهي والاجتماعي، فإذا قد كانت الأرزاق تصحب كل مولود فهذا لا يحتاج منا الاجتهاد و الشغل بهدف ربح القوت و تقصي مطالب الأسرة وذلك حسب زعم الجبرية، فكيف نفسر وفاة آلاف لكن ملايين الناس مرة واحدة فى السنة نتيجة لـ المجاعة;ذا كان كل مولود يولد برزقه ،و هنا يتبين لنا أن إستيعاب الجهمية و عديد من الناس في عصرنا للمكتوب و القضاء و القدر إستيعاب خاطئ فهو ماضي و ليس سائقا.
التركيب: الأمر الذي في وقت سابق نصل الى أن هنالك تناقضا بين الأهمية الجبرية وأنصار الاختيار فالجبريون ينفون الحرية بصفة مطلقة؛و أنصار الاختيار يثبتونها والنظرة الواقعية للحرية تقتضي تبني موقفا وسطا وهو ما أكده ابن رشد حيث أن الانسان ليس حرا حرية مطلقة لكن حريته مقيدة فكل شخص يمكنه البحث عن حظه وفرحه بالأسلوب التي يرغب في وكما يظهر له هو ذاته الطريق السليم. شرط أن لاينسى حرية الآخرين وحقهم في الشيء نفسه. ايضا يشاهد أبو الحسن الأشعري _ قاصدا التوسط بين الجبر والاختيار _ أن ممارسات الانسان لله خلقا وإبداعا وللإنسان كسبا ووقوعاكما رأى بول فولكي أن هناك تكاملا بين الحرية و الحتمية لكن رأى أن انعدام الحتمية يؤدي الى انعدام الحرية فعدم حضور قوانين تنظم التصرف الإنساني و توجهه يؤدي الى الحالة الحرجة في التصرف فيفقد الانسان حريته و قد قوى حجته بمثال ممتاز حينما صرح: «نه من السهل علينا أن نذهب حيث شئنا بمركبة لأن حركتها مضبوطة و مدروسة بدقة سلفا، ولكنه من العسير أن نستعمل الحصان لأن حركاته غالبا تكون عفوية ».
الرأي الشخصي: أشاهد عن طريق تلك الإشكالية أن الانسان ليس حرا حرية مطلقة لكن مقيدة لأنه يخضع للعديد من حتميات ، كما أنه ليس مجبرا فله الاختيار النسبي في أفعاله وهكذا فهو بين التسيير والتخيير فالعلم المطلق للخالق و هو أمر لا مفر منه في أي عقيدة دينية أي أن الانسان يخضع للقدر الذي وضعه له الخالق ، بل هنالك حرية اختيار المرء و هو أمر ضروري لإثبات مسؤولية الإنسان تجاه أفعاله وذلك ما يقوم بتبرير العقوبة الأخروي في العقائد الدينية.فالحرية عمل و ممارسة؛ بمعنى أن الانسان يقطن الحرية عن طريق تخطى الحتميات المغيرة فهو يمر الحتمية الطبيعية بالعمل و العلم و يمر الحتمية الاجتماعية التي تتمثل في الطقوس و التقاليد البالية التي تقف حاجزا في مواجهة الريادة و التقدم،و يمر الحتمية النفسية التي تتمثل في العقد و المكبوتات و الغرائز عن طريق معرفة النفس و الإرادة، ويتجاوز الحتمية الاستثمارية من خلال تقصي الاكتفاء الذاتي،
حل المعضلة: وفي الأخير نصل الى أن مسألة الحرية ترتبط بجوهر الانسان كما أنه كائن لديه حرية الاختيار فان لمكانته دون غيره من المخلوقات أسمى منزلة ، كونه كائنا عاقلا وقادرا على تخطى كل الحتميات و العوائق التي تعترضه ، فبإمكانه تجسيد الحرية على أرض الواقع وممارستها عمليا وهو ما يعلم بالتحرر وذلك نظرا لمقدرته على التقرير والاختيار وانتخاب الفرصة من العديد من قدرات حاضرة وممكنة. وذلك يقصد تمكُّن الإنسان على اختيار وتعيين حياته المخصصة ورسمها كما يرغب في يقول الفيلسوف الفرنسي فيقو كارا  : ان كل حتمية حديثة يكتشفها العالم تعد نوطة تضاف الى سلم أنغام حريتنا

هناك تعليق واحد: